ألوان الفردوس وأولاد الجنة

مسرح النقاب, loading data نشرت من قبل המערכת

ألوان الفردوس وأولاد الجنة في مهرجان تشرين المسرح2010 على مسرح النقاب

ألوان الفردوس وأولاد الجنة

في مهرجان تشرين المسرح2010 

على مسرح النقاب


تقرير : هيام قبلان


تستمر العروض على خشبة مسرح ( النقاب) في قرية عسفيا جبل الكرمل ،وضمن مهرجان تشرين المسرح 2010 عرض المسرح فيلمين باللغة الفارسية وبترجمة للعربية ، فيلم " ألوان الفردوس" يوم الاثنين 4/10 وفيلم " أولاد الجنة" يوم الثلاثاء 5/10 من اخراج مجيد مجيدي ، ألوان الفردوس والذي يحكي قصة صبي أعمى في الثامنة من عمره ، " محسن رمضاني " يقضي اجازته الدراسية مع جدته وأختيه ووالده " حسين محجوب" والذي يبدو منشغلا بمشاريعه الخاصة بعد وفاة زوجته ، الصبي محمد رمضاني واسمه الحقيقي محسن رمضاني والذي قام بدور الأعمى يتحسس جمال الحياة من خلال الحركة اذ يلامس أطراف النبات والأعشاب والحصى وحتى الهواء وأمواج البحر ، كان يتحسس مناقير الطيور الرقيقة الصغيرة بأنامله ويستمع الى طير نقار الخشب ليفهم ما يقول . المخرج أراد بذلك أن محمد رمضاني يحاول ايجاد علاقة حسابية وموسيقية ايقاعية تساعده على فك شيفرة لغة منقار الخشب لذا راح يمسك بخشبة ويطرق بها على جذع شجرة في محاولة لمحاكاة لغة الطير ، أما المفارقة فكانت شاعرية أن يكون الفيلم ( ألوان الفردوس ) أو الجنة ليحكي عن صبي حقيقي أعمى لا يمكنه ادراك اللون لا بالنظر ولا بالمشاهدة .

الفيلم يمسّ الأحاسيس ، بشفافية ويوقظ في نفس المشاهد مشاعر الرحمة والعطف والجمال والشفقة .حيث أن المخرج بكل اتقان وروعة وابداع ينقل المشاهد من مكان الى مكان في الطبيعة الساحرة الايرانية وبنظرة تدعو الى التأمّل في الخلق لهذا الكون الجميل بسمائه وأنهاره وبساتينه ووروده متعددة الألوان ، وكيف أن الطفل محمد كان قادرا على أن يستشفّ الطبيعة ويشعر بها بكل حواسه الأخرى ، غير أن والده لم يكن قادرا على التعامل معها ولا يشعر بالبيئة من حوله ، انها كلاشيهات من مشاهد تذرف عليها العين الدموع كأنها رسائل انسانية عن الحب والتضامن والالفة والمحبة ، وماذا يمكن للحب أن يفعل بالانسان الذي يفقد بصره وقد نتساءل ما هو العماء ومن الضرير حقا الذي يعيش في جنة ولا يرى ألوانها . 

في مشهد مبكي فعلا، ينتفض فيه الجسد وتتحوصل الدموع لتختنق داخل الحناجر يخاطب الصبي محمد رمضاني معلمه " علي فاطمي" والذي هو ضرير مثله والدموع تنهمر من روحه وقلبه وفي ذروة تصعيد درامي تراجيدي قوي حين يقول له : ( قال لي استاذي السابق أن الله يحب الضرير أكثر لأننا لا نرى ولكنني سألته لو كان كذلك الأمر لماذا خلقنا الله ضرارا ؟ هل خلقنا هكذا حتى لا نراه ؟ أجابني : ان الله لا تدركه الأبصار وان الله في كل مكان تستطيع أن تراه باحساسك ، تستطيع أن ترى قدرته عندما تلمس الأشياء بيديك ، ومنذ ذلك الحين وأنا أتلمّس الأشياء والى أن يأتي اليوم وتلمس يدي يديه لكي أخبره بكل شيء ، بكل ما في قلبي من ألم وحزن ) .

أما فيلم " أولاد الجنة" أيضا من اخراج المبدع مجيد مجيدي فيحكي قصة بسيطة وبأسلوب بسيط واقعي الى حدّ الادهاش ، بطل القصة ( علي) وأخته الصغيرة ( زهرة) اللذان يواجهان مأزقا ويسعيان لمعالجته بعيدا عن والديهما وخاصة الأب سريع الغضب ، البداية بمشهد مع ( علي) وهو يحمل كيسا بداخله حذاء لأخته زهرة  وقبل أن يعود الى البيت يتوقف عند دكان ليشتري الخضار لأمه المريضة في المنزل ، لكنه لم يكن يدري أن وقفته هناك ستكلفه غاليا بفقدان حذاء اخته ويبدأ الصراع والتأزم في البحث عن الحذاء المفقود فينشغل وأخته زهرة بالتخطيط حتى لا يعلم بالموضوع أحد خاصة والدهما ، فالعائلة فقيرة وراتب الأب بالكاد يكفي للوازم البيت وشراء حذاء لابنته الصغيرة لتتمكن من الذهاب الى المدرسة .ويتنامى الحدث ويتصاعد فكيف السبيل للذهاب دون حذاء الى المدرسة ؟

اخراج الفيلم المدهش بمشاهد من حارات وزقاقات  فقيرة جسّد فيها المخرج مجيد مجيدي البؤس الذي ترزح تحته الكثير من الأسر الايرانية ، فالحذاء كان محفزا للعديد من أحداث مبكية وحزينة لطفلين لم يعرفا لحظة الفرح حتى بفوز علي في مسابقة الركض السريع لم يفرح لأنه تمنى الفوز في المرتبة الثالثة وليس الأولى كما حصل معه كي لأنه سيفوز بهدية حذاء وعد أخته به فنراه يعاتب نفسه ويؤنبه ضمير متمنيا لو أنه لم يفز بالمرتبة الأولى .

أولاد الجنة رحلة سينمائية تسحبك من ذاتك وتعلق أنفاسك في سماء عالية بعيدا عن الأحلام على الأرض حين تصطدم بالواقع فتتهاوى ، انها البراءة والطهر مع البؤس مع أحلام الأطفال وحيلهم الصغيرة التي يرسمونها للتغلب على الصعوبات وقهر الظروف والمشاهد في العديد من اللقطات المؤثرة لن يتمكن من مغالة تأثره ودهشته بالفيلم وبحكايته البسيطة وبأداء الطفلين المذهل .


المقالات الأخيرة

"الخادمات" تثير ضجة كبيرة حتى قبل عرضها

المسرحية تثير في هذه الأيام ضجة محلية إجتماعيه بمجرّد الإعلان عن موضوعها، كل ذلك قبل موعد عرضها ع...

قراءة المزيد
إطلاق اسم الكاتب "سلمان ناطور" على قاعة مسرح "النقاب" في قرية عسفيا

أطلق مسرح "النقاب" في قرية عسفيا اسم الكاتب سلمان ناطور على قاعة المسرح التي افتتحها يوم الجمعة ب...

قراءة المزيد
التساوي في العراء

شكراً لصالح عزام على الترجمة والإعداد والإخراج، ليوسف حبيش ولؤي خليفة على الموسيقى، لسيميون كولكو...

قراءة المزيد