راجع صالح من الجيش
مسرحية"راجع صالح من الجيش" بين الكروماتيكية والشيزوفرينا
مسرحية"راجع صالح من الجيش"
بين الكروماتيكية والشيزوفرينا
هادي زاهر
"راجع صالح من الجيش" مسرحيدية من انتاج مسرح "النقاب" عرضت لاول مرة في مهرجان المسرحيد في عكا عام 3091، وحازت آنذاك على جائزة اجرأ نص" من قبل مجلة الترفزيون"، وقد عرضت يوم الخميس الماضي 4/6 في متناس عسفيا، وهي من تمثيل مجيب منصور واخراج صالح عزام الذي اقتبس النص عن رواية عالمية بعنوان"جولي عاد من المعركة" للكاتب الامريكي" دلتون ترمبو" وقد قام المخرج عزام بتجيير النص ليلائم واقع الطائفة الدرزية في اسرائيل في ظل التجنيد الالزامي وما يفرزه من مآس على واقعهم المعاش.
احداث المسرحيدية:- يعود صالح من الجيش بعد ان تنفجر به قنبلة تؤدي الى بتر يديه ورجليه، ينصب صالح امامك على المسرح مع ما يحمل من وجع وعقد نفسية، اذ تأخذه الشيزوفرينا الى الاعتقاد بان الفأر يأكل ما تبقى من اطرافه فيستنجد بامه، ولكنه بعد ان يهدأ ينادي على خطيبته"ورد"لكي لا تخاف ويرفض الاستسلام لواقعه ليصرخ صراخا متواصلا، خاصة بعد ان يصاب بالعمى ويفقد احساسه بالزمن مما يدفع الاطباء الى محاولة حقنه بأبر التخدير، ويواصل صراخه، لكن انامل الممرضة الناعمة على جلده تبعث نشوة السعادة في نفسه، لينتقل بعدها للحديث بلغة المحتل المتغطرس المنتشي بقوته العسكرية والذي يقول له ، احمد الله كونك ما زلت حيا، ليرد عليه صالح بلسانه، انكم تنسون المصابين بعد ان تنتهي مهمتهم ، ويتطرق الى حلف الدم المزعوم وبطلان المزاعم التي تربط بين الحصول على الحقوق والخدمة في الجيش الذي يجازف بحياة البشر من اجل حماية اربع أسر تستوطن في احدى المستوطنات ، في الاراضي العربية المحتلة، كما انه لا يتورع عن استخدام اطراف المصابين المبتورة في التجارب داخل المشرحة، وفي النهاية يناقش صالح بشكل هستيري الحكومات التي ترسل الجنود الى الجيش ، ليقول ان الرغبة في الحياة يجب ان تكون اقوى من كل الايدولجيات.
وهكذا فان مجيب منصور لا يبتز منك الدمعة، بل يجعلك.. يرغمك ان تسقطها بسخاء، ان انسجامه اللامتناهي مع الدور ومقدرته الفذة على انتحال مشاعر الجندي المعاق، يوقفك امام حالة انسانية زاخرة تدفعك الى الاشمئزاز من الحروب وما آلت اليه من مآس، بالحركة التي تفتت الاكباد وتقول ما تعجز الكلمة عن قوله، خاصة عندما يتداخل مع نفسه بحركات كروباتيكية، وبالكلمة التي تحولت الى سهام نافذة الى القلب، اضافة الى الموسيقى التصورية لريتشارد شعبي والديكور البسيط الذي جاء داعما للنص، ان هذه الحبكة التي جاءت منسجمةمع النسيج الدرامي للمسرحيدية ، احاطت بالمشاهدين وجعلتهم سجناء هذا العمل، الصغير الكبير؟!! لقد تفرست في الوجوه بعد العرض فوجدتها واجمة مكفهرة فعزز ذلك قناعتي باهمية المسرح الذي يبلور موقف الانسان وينمي ضميره، ويطور حسه بالواجب فيحثه على التحرك في سبيل الاصلاح، وتذكر قول الحكيم"اعطني مسرحا اعطك ثورة".
اما بعد:- لست ادري لماذا جرى التقليل في الحركات الكروباتيكية في العروض الاخيرة علما انها كانت داعمة للنص بشكل مكثف، قد تكون متعبة جدا للممثل الوحيد الامر الذي دفع الاخوة الى التقليل منها ولكن آمل ان يجدوا المخرج لذلك في العروض القادمة، ثم اني اعتقد انه كان بالامكان ان لا يجري تجيير النص الى هذا الحد، لان معارضة الحروب اينما كانت واجب يفرضه الضمير، وعملية حصرها في هذ الاطار من شأنه ان يحد من انتشارها ، ولو اقترحت مثلا للعرض في المدارس في صيغتها الحالية فسترفض بينما لو استلت منها بعض الجمل كان بالامكان تبنيها، لان الممثلين ايضا يزعمون بانهم ضد الحروب، لذلك اعتقد انه كان يجب ان ينتهج شيء من التحايل ليتم تسريب الهدف المحدد في غضون الهدف العام، ثم ان عملية التحايل في عملية الابداع الفني تغطي جمالية فنية في العمل، كما من شأنها ان تساعد في تقصي الحالة الخاصة والفترة المحددة وتتفاعل دوما وتضفي بعدا انسانيا اوسع، وهل هناك ابلغ من كليلة ودمنة؟ ويحضرني قول لنجيب محفوظ اطال الله في عمره، عندما سئل فيما اذا خشي ان يقول كل ما يعتقده فرد قائلا:- لقد قلت كل ما اردت ان اقوله بالتحايل" فهل التحايل رفع من القيمة الادبية لاعماله ام هبط بها؟ 
المقالات الأخيرة
"الخادمات" تثير ضجة كبيرة حتى قبل عرضها
المسرحية تثير في هذه الأيام ضجة محلية إجتماعيه بمجرّد الإعلان عن موضوعها، كل ذلك قبل موعد عرضها ع...
قراءة المزيدألوان الفردوس وأولاد الجنة
ألوان الفردوس وأولاد الجنة في مهرجان تشرين المسرح2010 على مسرح النقاب
قراءة المزيدإطلاق اسم الكاتب "سلمان ناطور" على قاعة مسرح "النقاب" في قرية عسفيا
أطلق مسرح "النقاب" في قرية عسفيا اسم الكاتب سلمان ناطور على قاعة المسرح التي افتتحها يوم الجمعة ب...
قراءة المزيدالتساوي في العراء
شكراً لصالح عزام على الترجمة والإعداد والإخراج، ليوسف حبيش ولؤي خليفة على الموسيقى، لسيميون كولكو...
قراءة المزيد